السؤال
أين تعمد يسوع؟
الجواب
يقدم إنجيل متى أكثر الروايات تفصيلًا عن معمودية المسيح، إذ يذكر أن "جَاءَ يَسُوعُ مِنَ ٱلْجَلِيلِ إِلَى ٱلْأُرْدُنِّ إِلَى يُوحَنَّا لِيَعْتَمِدَ مِنْهُ" (متى 3: 13). كما يؤكد إنجيل مرقس أن يسوع تعمد على يد يوحنا المعمدان على ضفاف نهر الأردن: "وَفِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ جَاءَ يَسُوعُ مِنَ ٱلنَّاصِرَةِ بِٱلْجَلِيلِ وَٱعْتَمَدَ مِنْ يُوحَنَّا فِي ٱلْأُرْدُنِّ" (مرقس 1: 9). أما إنجيل لوقا، فيقدم وصفًا مختصرًا لمعمودية يسوع دون الإشارة إلى موقعها.
نجد في إنجيل يوحنا أوضح إشارة إلى الموقع الدقيق لمعمودية يسوع. ففي يوحنا 1: 19–28، يُعرّفنا الكاتب على يوحنا المعمدان، النبي الجريء الذي أعلن مجيء المسيا الموعود لإسرائيل. عندما بدأ القادة الدينيون يستجوبونه قائلين: "مَنْ أَنْتَ؟"، تساءل الفريسيون عن سلطته في ممارسة المعمودية. أجابهم يوحنا بأنه مجرد مَن أرسله الله ليمهد الطريق للرب. ثم يوضح الكاتب "هَذَا كَانَ فِي بَيْتِ عَنْيَا فِي عَبْرِ ٱلْأُرْدُنِّ، حَيْثُ كَانَ يُوحَنَّا يُعَمِّدُ" (يوحنا 1: 28).
لقد أُطلق على هذه البلدة اسم "بيت عنيا عبر الأردن" في بعض الترجمات، ولا ينبغي الخلط بينها وبين بيت عنيا الأخرى، مسقط رأس مريم ومرثا ولعازر، القريبة من أورشليم (يوحنا 11: 1). بيت عنيا حيث تعمد يسوع تقع على الضفة الشرقية لنهر الأردن. ومن خلال يوحنا 1: 29–34، نعرف أن يسوع جاء إلى يوحنا المعمدان في هذه الضفة واعتمد منه.
لاحقًا، خلال فترة المعارضة الشديدة التي واجهها يسوع في خدمته، عاد إلى هذه المنطقة نفسها، مما يشير إلى أنها قد كانت ملاذًا آمنًا له في بعض الأوقات. يقول الكتاب المقدس إن العديد من الناس جاءوا إلى يسوع هناك (يوحنا 10: 40–41).
الموقع الدقيق لبيت عنيا عبر الأردن كان محل نقاش واسع، ولكن استنادًا إلى التفاصيل الجغرافية في الكتاب المقدس، يمكننا أن نكون واثقين إلى حد كبير من أنها تقع على الضفة الشرقية لنهر الأردن. يحدد العديد من الباحثين موقعها على بعد خمسة أميال شمال البحر الميت عند مصب وادي الخرار، مقابل مدينة أريحا. هذا يتماشى مع الإشارات الكتابية إلى قرب الموقع من برية اليهودية وتلالها وأورشليم (متى 3: 1–6، 13؛ 4: 1؛ لوقا 3:3؛ 4: 1؛ مرقس 1: 4–5، 9–12).
كانت المنطقة آنذاك ممرًا حيويًا مزدحمًا، حيث كانت طريق أورشليم – أريحا تعبرها جموع من القادة الدينيين والجنود والعشارين والمسافرين (متى 3: 7؛ لوقا 3: 7، 10–14). كما أن للمكان أهمية تاريخية أقدم؛ ففي هذه المنطقة، عبر بنو إسرائيل نهر الأردن بقيادة يشوع ودخلوا أرض الموعد (يشوع 1:1–6؛ 3: 14–17). وهنا أيضًا اجتاز إيليا وأليشع مياه الأردن على اليابسة قبل أن يُرفع إيليا إلى السماء في مركبة نارية (2 ملوك 2: 1–12). بالإضافة إلى ذلك، كان هذا المكان مرتبطًا بالتوقعات اليهودية لعودة مجد الله بعد السبي (حزقيال 43: 2–4).
يبدو أن يوحنا المعمدان اختار هذا الموقع ليس فقط لسهولة الوصول إليه، ولكن أيضًا بسبب إرثه التاريخي ومعناه النبوي. فقد ارتبطت معمودية يسوع في هذا المكان بعمق بتاريخ الشعب اليهودي وتطلعاته إلى المخلّص المنتظر، مما جعلها حدثًا ذا دلالة عظيمة في بداية خدمته العلنية.
English
أين تعمد يسوع؟