الجواب:
الكتاب المقدس عمل أدبي. يأتي الأدب في أنماط مختلفة، أو تصنيفات بناءً على الأسلوب، وكل منها يُقرأ ويُقدَّر بشكل مختلف عن الآخر. على سبيل المثال، قد يتسبب الخلط بين عمل من أعمال الخيال العلمي وكتاب طبي في العديد من المشكلات - فيجب فهمهما بشكل مختلف. ويجب أن يُفهم كل من الخيال العلمي والنص الطبي بشكل مختلف عن الشعر. لذلك، فإن التفسير والتطبيق الدقيق يأخذ في الاعتبار الغرض من سفر أو مقطع معين من الكتاب المقدس وأسلوبه. بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض الآيات تحمل معنى مجازي، ويتم تعزيز التمييز الصحيح لهذه الآيات من خلال فهم النمط الأدبي. يمكن أن تؤدي عدم القدرة على تحديد النمط إلى سوء فهم خطير للكتاب المقدس.
الأنماط الأدبية الرئيسية الموجودة في الكتاب المقدس هي: الشريعة، والتاريخ، والحكمة، والشعر، والقصص، والرسائل، والنبوة، والأدب الرؤيوي. يوضح الملخص أدناه الاختلافات بين الأنماط وكيف يجب تفسير كل منها:
الناموس: ويشمل سفر اللاويين والتثنية. الغرض من الناموس هو التعبير عن إرادة الله السيادية فيما يتعلق بالحكم، والواجبات الكهنوتية، والمسؤوليات الاجتماعية... إلخ. وتفيد معرفة العادات والتقاليد العبرية في ذلك الوقت، بالإضافة إلى معرفة العهود، في فهم هذه الأسفار.
التاريخ: ويتضمن هذا النمط القصص والملاحم في الكتاب المقدس. يحتوي كل سفر في الكتاب المقدس تقريبًا على بعض التاريخ، لكن أسفار التكوين، والخروج، والعدد، ويشوع، والقضاة، وصموئيل الأول والثاني، وملوك الأول والثاني، وأخبار الأيام الأول والثاني، وعزرا، ونحميا، وأعمال الرسل هي في الغالب من النمط التاريخي. تعد معرفة تاريخ العالم أمرًا بالغ الأهمية، لأنه يتوافق تمامًا مع التاريخ الكتابي ويجعل التفسير أكثر قوة.
الحكمة: هذا هو نمط الأمثال التي تعلم معنى الحياة وكيف نعيش. بعض الأساليب اللغوية المستخدمة في أدب الحكمة مجازية وشعرية، وينبغي أخذ ذلك في الاعتبار أثناء التحليل. ويتضمن هذا النمط أسفار الأمثال وأيوب والجامعة.
الشعر: ويشمل الأسفار المكتوبة بأسلوب النثر الإيقاعي والتوازي والاستعارة، مثل نشيد الأنشاد والمراثي والمزامير. نحن نعلم أن العديد من المزامير كتبها داود، وهو نفسه عازف موسيقى، أو آساف، قائد العبادة لدى داود. ولكون الشعر لا يُترجم بسهولة، فإننا نفقد بعض "التدفق" الموسيقي عند ترجمته. ومع ذلك، نجد استخدامًا مشابهًا للمصطلحات والمقارنة والتكرار في هذا النمط كما نجده في الموسيقى الحديثة.
القصص: يشمل هذا النمط الأناجيل، وهي روايات سيرة ذاتية عن يسوع، وأسفار راعوث وإستير ويونان. قد يجد القارئ أجزاءً من الأنماط الأخرى في الأناجيل، مثل الأمثال (لوقا 8: 1-15) والخطاب (متى 24). سفر راعوث هو مثال ممتاز لقصة قصيرة جيدة الصياغة ومدهشة في إيجازها وبنيتها.
الرسائل: الرسالة هي خطاب، وعادة ما تكون مكتوبة بأسلوب رسمي. يوجد 21 رسالة في العهد الجديد موجهة من الرسل إلى كنائس مختلفة أو أفراد. تتميز هذه الرسائل بأسلوب مشابه جدًا للرسائل الحديثة، من افتتاح وتحية وجسم وختام. يتضمن محتوى الرسائل توضيحًا للتعاليم السابقة، والتوبيخ، والشرح، وتصحيح التعاليم الكاذبة، والتعمق في تعاليم يسوع. من الأفضل للقارئ أن يفهم الوضع الثقافي والتاريخي والاجتماعي للمستلمين الأصليين من أجل الحصول على أقصى استفادة من تحليل هذه الأسفار.
النبوة والأدب الرؤيوي: الكتابات النبوية هي أسفار العهد القديم من سفر إشعياء حتّى سفر ملاخي، وسفر الرؤيا في العهد الجديد. وهي تتضمن تنبؤات بأحداث مستقبلية وتحذيرات بالدينونة القادمة ولمحة عامة عن خطة الله لشعب إسرائيل. الأدب الرؤيوي هو شكل محدد من أشكال النبوة، والذي يتضمن إلى حد كبير الرموز والصور ويتنبأ بالكوارث والدمار. نجد هذا النوع من اللغة في سفر دانيال (الوحوش في الإصحاح 7)، وسفر حزقيال (اللفافة في الإصحاح 3)، وسفر زكريا (المنارة الذهبية في الإصحاح 4)، وسفر الرؤيا (الفرسان الأربعة في الإصحاح 6). الأسفار النبوية والرؤيوية هي الأكثر عرضة للتفسير الخاطئ والتفسير الشخصي على أساس العاطفة أو التحيز المسبق. ومع ذلك، يخبرنا سفر عاموس 3: 7 "إِنَّ ٱلسَّيِّدَ ٱلرَّبَّ لَا يَصْنَعُ أَمْرًا إِلَّا وَهُوَ يُعْلِنُ سِرَّهُ لِعَبِيدِهِ ٱلْأَنْبِيَاءِ". لذلك، نحن نعلم أن الحق قد أعلن، ويمكن معرفته من خلال التفسير الدقيق، والمعرفة بباقي الكتاب المقدس، والتفكير في روح الصلاة. لن يتم توضيح بعض الأشياء لنا إلا في تمام الزمان، لذلك من الأفضل عدم افتراض معرفة كل شيء عندما يتعلق الأمر بالأدب النبوي.
يعتبر فهم الأنماط الأدبية في الكتاب المقدس أمر حيوي بالنسبة لمن يدرس الكتاب المقدس. لأنه إذا تم افتراض النمط الخاطئ بالنسبة لمقطع ما، فيمكن بسهولة أن يساء فهمه أو يساء تفسيره، مما يؤدي إلى فهم غير كامل ومضلّل لما يرغب الله في إيصاله. الله ليس هو مصدر التشويش (كورنثوس الأولى 14 :33) ، وهو يريدنا أن نفسّر "كَلِمَةَ ٱلْحَقِّ بِٱلِٱسْتِقَامَةِ" (تيموثاوس الثانية 2: 15). أيضًا، يريدنا الله أن نعرف خطته للعالم ولنا كأفراد. كم هو مُرضٍ أن ندرك "مَا هُوَ ٱلْعَرْضُ وَٱلطُّولُ وَٱلْعُمْقُ وَٱلْعُلْوُ" (أفسس 3: 18) لمحبة الله لنا!