الجواب:
ربما يكون الإتهام بـ"الرياء" من أكثر التهم استفزازاً. ولكن للأسف يشعر البعض أنهم محقين في الاعتقاد بأن كل المؤمنين منافقين. وكلمة رياء تعني "التظاهر أو التمثيل". وقد إستخدمت هذه الكلمة في اللغة اليونانية في العهد الجديد وتحمل نفس الفكرة والمعنى – التظاهر أو التمثيل.
وقد إستخدم الرب يسوع هذه الكلمة بنفس المعنى. على سبيل المثال، عندما علَّم المسيح عن أهمية الصلاة والصوم والصدقات بالنسبة لأهل الملكوت، حذَّرنا من التشبه بالمرائين (متى 2:6،5،16). فالصلاة المطوَّلة في المجامع، والحرص ملاحظة الآخرين لصومهم، والتباهي بتقدماتهم للهيكل والفقراء، تظهر تعلقهم السطحي بالله. وبالرغم من إتقان الفريسيين القياد بدور القدوة في البر والصلاح، فقد فشلوا فشلاً ذريعاً في أن يكون لهم قلوب تسكنها الفضيلة الحقيقية (متى 13:23-33؛ مرقس 20:7-23).
ولم يدع المسيح تلاميذه قط بالمرائين. فهذا اللقب منح فقط للمتعصبين الدينيين الذين ضلوا الطريق. ولكنه دعى خاصته "تلاميذ"، و"أطفال"، و"خراف"، و"كنيسته". بالإضافة إلى ذلك، نجد تحذير واضح في العهد الجديد من هذه الخطية (بطرس الأولى 1:2)، التي يسميها الرسول بطرس "الرياء". وهناك مثلين واضحين مدونين في تاريخ الكنيسة. فيندد سفر أعمال الرسل 1:5-10، بتلميذين كانا يتظاهران بأنهما أكثر كرماً مما كانا في الواقع. وكانت العواقب وخيمة. ومع ذلك، أتهم بطرس، من بين جميع الناس، بأنه يقود جماعة من المرائين في التعامل مع المؤمنين غير اليهود (غلاطية 13:2).
ولذا يمكننا أن نستخلص أمرين على الأقل من العهد الجديد. أولاً، أنه يوجد مرائين بين المؤمنين. وأنهم كانوا موجودين منذ القدم، وبحسب المثل الذي قدمه المسيح عن القمح والزوان فإننا نعلم أنهم سيوجدون بين المؤمنين حتى نهاية الأيام (متى 18:13-20). بالإضافة إلى ذلك، إن كان يمكن أن يتم إتهام حتى أحد الرسل بالرياء، فلا يوجد سبب يدعونا للاعتقاد أن المؤمنين "العاديين" سينجوا من مثل هذه التهم. فيجب أن نتوخى الحذر حتى لا نقع في مثل تلك التجربة (كورنثوس الأولى 12:10).
وبالطبع ليس كل من يدعي الإيمان بالمسيحية هو فعلاً شخص مؤمن. فمن المرجح أن كل المرائين المشهورين بين المؤمنين هم في الواقع ممثلين ودجالين. وليومنا هذا يقع كثير من قادة المسيحيين في التجارب. سواء كانت الخطايا مالية أو جنسية فهي بالطبع تؤثر على المجتمع المسيحي ككل. ولكن، بدلاً من إلقاء اللوم على كل المؤمنين يجب وأن نتسأل إن كان هؤلاء الأشخاص فعلاً مؤمنين أم أنهم فقط مراءون. تؤكد الكثير من المقاطع الكتابية أن الذين ينتمون إلى عائلة الله سيظهرون ثمر الروح القدس في حياتهم (غلاطية 22:5-23). ويوضح مثل الزارع في متى 13 يوضح لنا أن ليس كل من يدعي معرفة الله هو صادق. فللأسف، يؤجد كثيرين يقولون أنهم ينتمون إليه، ولكنهم سيصدمون عندما يقول لهم الرب: "إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! اذْهَبُوا عَنِّي يَا فَاعِلِي الإِثْمِ!" (متى 23:7).
ثانياً، بالرغم من أننا يجب ألا نندهش لإدعاء الناس بأنهم أكثر قداسة مما هم عليه بالفعل، فلا يمكننا أن نستنتج من ذلك أن الكنيسة تتكون من مجموعة من المرائين. يمكننا بالتأكيد الإتفاق على أننا نحن الذين ندعو بإسم الرب يسوع المسيح نظل خطاة حتى بعد أن تغفر خطايانا. أي أنه بالرغم من أننا قد خلصنا من عقاب الخطية الأبدي (رومية 1:5؛ 23:6)، إلا أننا بحاجة إلى الخلاص من وجود الخطية في حياتنا (يوحنا الأولى 8:1-9)، وهذا يتضمن خطية الرياء. ومن خلال إيماننا الحي بالمسيح يسوع، سنستمر في الانتصار على قوة الخطية حتى يتم فداؤنا (يوحنا الأولى 4:5-5).
لا يعيش كل المؤمنين بالمعايير التي يعلمها الكتاب المقدس. ولم يصل أحد قط إلى التشبه الكامل بالمسيح. ولكن، يسعى الكثير من المؤمنين أن يعيشوا الحياة المسيحية متكلين أكثر وأكثر على الروح القدس لتبكيتهم وتغييرهم وتقويتهم. يوجد الملايين من المؤمنين الذين عاشوا حياة خالية من الفضائح. ولا يوجد مؤمن كامل، ولكن الوقوع في الخطأ والإخفاق في الوصول إلى الكمال، أمر مختلف عن الرياء.