الجواب:
إن كلمة "كلي القدرة" تعني أن الله له كل القوة. وكما هو الحال مع وصف الله بأنه "كلي المعرفة" و "كلي الوجود" فيصح القول أنه إذا كان الله غير محدود وإذا كان ذا سيادة، ونحن نعلم أن هذا صادق، فإذا يجب أن يكون هو أيضاً كلي القدرة. فهو يمتلك القوة على كل الأشياء في كل الأوقات وبكل الطرق.
تحدث أيوب عن قدرة الله في أيوب 42: 2 قائلاً: "قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَسْتَطِيعُ كُلَّ شَيْءٍ وَلاَ يَعْسُرُ عَلَيْكَ أَمْرٌ." كان أيوب هنا يعترف بقدرة الله الكاملة على تحقيق خططه. كما ذكَّر الله موسى أيضاً أنه لديه كل القوة لإتمام أهدافه فيما يخص شعب إسرائيل: "أجاب الرب موسى قائلاً: هل ذراعي قصيرة؟ سوف ترى الآن تحقيق ما أقوله لك."
نرى قدرة الله الكاملة في الخليقة أكثر من أي شيء آخر. قال الله: "ليكن..." فكان كما قال (تكوين 1: 3، 6، 9...الخ.) يحتاج الإنسان إلى أدوات ومواد ليصنع الأشياء؛ أما الله فتكلم فقط، وبقوة كلمته خلق كل الأشياء من العدم. " بِكَلِمَةِ الرَّبِّ صُنِعَتِ السَّمَاوَاتُ وَبِنَسَمَةِ فَمِهِ كُلُّ جُنُودِهَا" (مزمور 33: 6).
نرى قدرة الله أيضاً في حفظه لخليقته. كانت كل الحياة على الأرض لتفنى لولا تدبير الله لكل ما نحتاجه من مأكل وملبس وسكن، من مصادر متجددة محفوظة بقوته كحافظ كل من الإنسان والبهائم (مزمور 36: 6). إن البحار التي تغطي أغلب الأرض والتي لا نملك قوة أمامها، كانت ستغطينا وتغمرنا لو لم يكن الله قد رسم لها حدوداً (أيوب 38: 8-11).
تمتد قوة الله الكلية على الحكومات والقادة (دانيال 2: 21) إذ يقيدهم أو يسمح لهم بالسلوك في طرقهم بما يتفق مع خططه وإرادته. إن قوته غير محدودة من جهة الشيطان وجنوده. كان هجوم الشيطان على أيوب محدوداً. لقد قيدته قوة الله غير المحدودة (أيوب 1: 12، 2: 6). ذكَّر يسوع بيلاطس أنه لا يملك سلطاناً عليه ما لم يكن قد أعطي له من إله كل قوة (يوحنا 19: 11).
لكون الله كلي القدرة فهو يستطيع أن يفعل أي شيء. ولكن عندما يشير الكتاب إلى أشياء معينة لا يستطيع الله أن يفعلها هذا لا يعني أنه فقد قدرته الكلية. فمثلاً يقول الكتاب المقدس في عبرانيين 6: 18 أنه لا يستطيع أن يكذب. هذا لا يعني أنه لا قدرة له على الكذب ولكن الله يختار أن لا يكذب بسبب كماله الأخلاقي. وبنفس الكيفية برغم كونه كلي القوة وكونه يكره الشر إلا أنه يسمح للشر بالوجود وفقاً لخطته الصالحة. إنه يستخدم أحداثاً شريرة معينة لكي يسمح لأهدافه بأن تتحقق مثال ذلك حدوث ذلك الشر الأعظم – أي قتل حمل الله الكامل القدوس الطاهر لفداء البشرية.
إن الرب يسوع الإله المتجسد هو كلي القدرة. نرى قدرته في المعجزات التي أجراها – الشفاءات التي لا تحصى، إطعام الخمسة آلاف (مرقس 6: 30-44)، تهدئة العاصفة (مرقس 4: 37-41)، وكذلك الإظهار الأعظم لقوته في إقامة لعازر وإبنة يايرس من الأموات (يوحنا 11: 38-44؛ مرقس 5: 35-43) كمثال على سلطانه على الموت والحياة. إن الموت هو السبب النهائي لمجيء المسيح – أي لكي يقضي عليه (كورنثوس الأولى 15: 22؛ عبرانيين 2: 14) ولكي يحضر الخطاة إلى علاقة صحيحة مع الله. قال يسوع بوضوح أن له سلطان أن يضع حياته وأن يأخذها وقد رمز إلى هذه الحقيقة في حديثه عن الهيكل (يوحنا 2: 19). كان له القدرة أن يستدعي إثنا عشر فرقة من الملائكة لإنقاذه أثناء محاكمته لو أراد (متى 26: 53) لكنه قدم ذاته في إتضاع عوضاً عن آخرين (فيلبي 2: 1-11).
إن السر الأعظم يكمن في أن هذه القوة يمكن أن يشارك بها المؤمنين المتحدين مع الله في المسيح يسوع. يقول الرسول بولس: "فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ." (كورنثوس الثانية 12: 9). إن قوة الله تتمجد فينا بصورة أعظم عندما تعظم ضعفاتنا لأنه هو "َالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ أَكْثَرَ جِدّاً مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ، بِحَسَبِ الْقُوَّةِ الَّتِي تَعْمَلُ فِينَا" (أفسس 3: 20). إنها قوة الله التي تظل تحفظنا في النعمة رغم خطايانا (تيموثاوس الثانية 1: 12) وبقوته يحفظنا غير عاثرين (يهوذا 24). سوف يعلن كل جند السماء قوته إلى الأبد (رؤيا 19: 1). ليت هذه تكون صلاتنا إلى الأبد!