الجواب:
كانت الإمبراطورية الرومانية المقدسة عبارة عن اتحاد غير محكم لممالك أصغر كانت لها السلطة في أوروبا الغربية والوسطى بين عامي 962 و1806 بعد الميلاد. وكان يحكمها إمبراطور روماني مقدس يشرف على المناطق المحلية التي يسيطر عليها مجموعة متنوعة من الملوك والدوقات والأباطرة ومسؤولين آخرين. كانت الإمبراطورية الرومانية المقدسة محاولة لإحياء إمبراطورية روما الغربية.
يخلط الكثير من الناس بين الإمبراطورية الرومانية المقدسة والإمبراطورية الرومانية التي كانت موجودة خلال فترة العهد الجديد. ولكن، كانت هاتان الإمبراطوريتان مختلفتين في الفترة الزمنية والمكان. كانت الإمبراطورية الرومانية (27 قبل الميلاد – 476 بعد الميلاد) مقرها في روما (ولاحقًا في القسطنطينية) وكانت تسيطر على الدول المحيطة بحوض البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك إسرائيل. ظهرت الإمبراطورية الرومانية المقدسة إلى الوجود بعد فترة طويلة من انهيار الإمبراطورية الرومانية. لم يكن لها عاصمة رسمية، لكن الأباطرة - عادة الملوك الجرمانيين - حكموا من أوطانهم.
وفي القرن الرابع، اعتنق الإمبراطور المسيحية وأعلنها الدين الرسمي للإمبراطورية الرومانية. أدى هذا المزج بين الدين والحكومة إلى مزيج غير مستقر وإن كان قويًا من العقيدة والسياسة. وفي نهاية المطاف، تم توحيد السلطة في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية المركزية، والتي كانت المؤسسة الاجتماعية الرئيسية طوال العصور الوسطى. في عام 1054 م، انفصلت الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية عن الكنيسة الغربية (الرومانية)، ويرجع ذلك جزئيًا إلى القيادة المركزية لروما تحت قيادة البابا.
وضع البابا ليو الثالث الأساس للإمبراطورية الرومانية المقدسة في عام 800 بعد الميلاد عندما توج شارلمان كإمبراطور. شكل هذا سابقة تم اتباعها على مدار الـ 700 عام التالية، حيث ادعى الباباوات الحق في اختيار وتنصيب أقوى الحكام في القارة. بدأت الإمبراطورية الرومانية المقدسة رسميًا عام 962 عندما توج البابا يوحنا الثاني عشر أوتو الأول ملكًا على ألمانيا ومنحه لقب "الإمبراطور". تصادمت السلطة المدنية وسلطة الكنيسة في بعض الأحيان في الإمبراطورية الرومانية المقدسة، لكن الكنيسة كانت تنتصر عادة. كان هذا هو الوقت الذي مارس فيه الباباوات الكاثوليك أكبر قدر من النفوذ، وبلغت قوة البابوية ذروتها.
خلال العصور الوسطى، أصبحت مجموعة واسعة من تقاليد الكنيسة الجديدة عقيدة رسمية للكنيسة الرومانية. علاوة على ذلك، انخرطت الدولة الكنسية في العديد من الصراعات العسكرية، بما في ذلك الحروب الصليبية.
في أواخر فترة الإمبراطورية الرومانية المقدسة، أصبح عدد متزايد من المسيحيين غير مرتاحين لهيمنة الكنيسة الكاثوليكية الرومانية وتعليمها وفسادها. وفي القرن السادس عشر، أطلق مارتن لوثر الإصلاح البروتستانتي. أصبح جون كالفين زعيمًا للإصلاح ومقره في جنيف بسويسرا، وساهم آخرون، بمن فيهم أولريش زوينجلي والحركة الكبيرة لتجديد المعمودية، في إصلاح الدين في العالم الغربي.
ركزت القضايا اللاهوتية الرئيسية في حركة الإصلاح على ما يُعرف بالسولا الخمسة (الخمسة "الوحيدة")، والتي عبرت عن أولوية تعاليم الكتاب المقدس على سلطة البابا والتقاليد المقدسة. وSola gratia، التعليم بكون الخلاص "بالنعمة وحدها" من خلال الإيمان وحده بالمسيح وحده، مكّن حقبة جديدة من التوعية التبشيرية في أوروبا والتي امتدت إلى أولئك الذين استعمروا أمريكا الشمالية فيما بعد. أما Sola scriptura، أو "الكتاب المقدس وحده"، فهو القول بأن الكتاب المقدس هو المرجع الوحيد في مسائل الإيمان. أدى هذا التعليم إلى تطوير كنائس جديدة خارج النظام الكاثوليكي وتطوير اقرارات ايمان جديدة للعديد من المجموعات البروتستانتية التي تأسست خلال هذا الوقت. استمرت الإمبراطورية الرومانية المقدسة في الاحتفاظ بالسلطة بعد حركة الإصلاح الديني، ولكن بذور زوالها قد زُرعت؛ وبعد الإصلاح، تضاءل النفوذ الإمبراطوري للكنيسة وتقلصت سلطة البابا. وبدأت أوروبا في الخروج من العصور الوسطى.
باختصار، كانت الإمبراطورية الرومانية المقدسة بمثابة الحكومة في معظم أنحاء أوروبا خلال مع
ظم تاريخ العصور الوسطى. كانت الكنيسة الرومانية الكاثوليكية، المندمجة في تحالف الكنيسة والدولة مع الإمبراطور، هي الكيان الديني الرئيسي. واجهت الكنيسة العديد من التغييرات حتى عندما اكتسبت الأرض والنفوذ السياسي. قام مارتن لوثر وغيره من الإصلاحيين بتغيير طريقة ممارسة الدين في أوروبا الوسطى في وقت متأخر من هذه الفترة، ولا يزال عملهم يؤثر على الكثيرين حول العالم اليوم.
