الجواب:
إن حقيقة كون المسيح صديقاً للخطاة تعني أنه صديقنا وينتظر منا أن نعترف بحضوره ووجوده في حياتنا. إن محبة الله لنا تفوق ما يمكن أن نتصوره. فعندما نفكر في تجسد المسيح – إذ ترك السماء وولد كطفل صغير لكي يكبر ويختبر الحياة بيننا – فإننا نبدأ في إدراك لمحة بسيطة عن عمق هذه المحبة. وعندما نضيف إلى هذا موته الكفاري على الصليب، تصبح محبته فوق إدراكنا.
لكي يصبح المسيح "صديق الخطاة" فإنه أخضع نفسه للحياة في عالم ساقط شرير لأن "الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ" (رومية 3: 23). ولكن المسيح يريد أن تكون له علاقة معنا بالرغم من حالتنا الخاطئة.
في هذا المقطع يبرز المسيح مستوى النضوج الروحي بين من إعتبروا أنفسهم "أبرار" و "روحيين" أكثر من غيرهم. وقد أقاموا تقييمهم على أساس إلتزامهم الصارم بالطقوس والناموس والمظاهر الخارجية وليس الفهم الحقيقي لقلب الله والعلاقة الحقيقية معه. لقد إنتقدوا المسيح لقضائه وقتاً مع المنبوذين و "غير المقبولين إجتماعياً" وقالوا عنه أنه "صديق الخطاة".
إن قصة الخروف الضال تبين أهمية الضالين والضعفاء والذين شردوا بعيداً عن مكان الأمان. إن الضالين مهمين جداً بالنسبة لله حتى أنه يبحث عنهم حتى يجدهم ويرجعهم إلى الأمان. "وَكَانَ جَمِيعُ الْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ يَدْنُونَ مِنْهُ لِيَسْمَعُوهُ. فَتَذَمَّرَ الْفَرِّيسِيُّونَ وَالْكَتَبَةُ قَائِلِينَ: هَذَا يَقْبَلُ خُطَاةً وَيَأْكُلُ مَعَهُمْ. فَكَلَّمَهُمْ بِهَذَا الْمَثَلِ: أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ لَهُ مِئَةُ خَرُوفٍ وَأَضَاعَ وَاحِداً مِنْهَا أَلاَ يَتْرُكُ التِّسْعَةَ وَالتِّسْعِينَ فِي الْبَرِّيَّةِ وَيَذْهَبَ لأَجْلِ الضَّالِّ حَتَّى يَجِدَهُ؟" (لوقا 15: 1-4).
لقد أوضح المسيح أنه قد "جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ" (لوقا 19: 10). لقد كان مستعداً أن يكون صديقاً لمن كانوا غير جديرين في نظر الفريسيين الأبرار في عيون أنفسهم. ولكن هؤلاء هم من كانوا منفتحين لسماع رسالة المسيح، وكان الله مهتماً بهم!
يسرد متى 9: 10-13 موقفاً آخر سخر فيه القادة الدينيين من المسيح بسبب رفقاؤه. وأجابهم قائلاً: "لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ" (الآية 13).
في لوقا 4: 18– 19 يقتبس المسيح ما جاء في إشعياء 61: 1-2 "رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ." كان يجب أن يكون هناك تواصل بين المسيح والمساكين والمأسورين والعمي والمنسحقين لكي يكرز لهم بالأخبار السارة.
لم يؤيد المسيح الخطية ولم يشترك في السلوكيات الضارة للأشرار. وفي كونه "صديق للخطاة" أظهر المسيح أن "لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ" (رومية 2: 4). لقد عاش المسيح حياة كاملة و بلا خطية وكان له "سُلْطَاناً عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا" (لوقا 5: 24). وبسبب هذا، صار لنا أن نتمتع بقلب وحياة متجددة.
إن يسوع، صديقنا، قضى وقتاً مع الخطاة، ليس لكي يشاركهم في طرقهم الردية، بل لكي يقدم لهم الأخبار السارة بأن غفران الله متاح لهم. لقد تغير الكثير من الخطاة بسبب كلماته التي تحمل الحياة – زكا هو واحد من الأمثلة الهامة (لوقا 19: 1-10).
عندما قال أعداء المسيح عنه أنه "صديق الخطاة" قصدوا بهذا إهانته. ولكن، المسيح إحتمل هذه الإهانات لمجده وفائدتنا الأبدية وصار لنا " مُحِبٌّ أَلْزَقُ مِنَ الأَخِ" (أمثال 18: 24).