الجواب:
تشتق كلمة "monotheism" (إله واحد) من دمج كلمتين "mono" بمعنى "واحد"، و "theism" بمعنى "إيمان بالله". ومن هنا فإن معناها هو الإيمان في الإله الواحد الحقيقي، والذي هو الخالق والحافظ والديان الوحيد لكل الخليقة. ويختلف الإيمان بوحدانية الله monotheism تماماً عن henotheism أي الإيمان بآلهة متعددة تحت سلطة إله واحد. وأيضاً يتناقض تماماً مع الإيمان بتعدد الآلهة polytheism، أي بوجود أكثر من إله واحد.
وهناك العديد من الحجج التي تعضد وحدانية الله، بما في ذلك التي تستند على إعلان خاص (كلمة الله)، أو إعلان طبيعي (فلسفي)، بالإضافة إلى الأنثروبولوجيا التاريخية. وسنحاول ذلك بإختصار، ولكن يجب الأخذ في الإعتبار أن هذه ليست قائمة كاملة.
ومن الواضح، أنه بالنسبة للكثيرين، لا يكفي القول أنه يوجد إله واحد ببساطة لأن الكتاب المقدس يقول ذلك. وهذا لأنه بدون الله لا يمكن إثبات أن الكتاب المقدس هو كلمته في المقام الأول. ولكن، قد يقول البعض أنه يمكن أن يعتبر الكتاب المقدس حجة مقبولة حيث أنه توجد أدلة فائقة للطبيعة تؤكد تعاليمه. والحجة المماثلة هي تعاليم المسيح التي أثبتت أنه الله (أو على الأقل أنه مقبول من الله) من خلال ولادته المعجزية وحياته و معجزة قيامته من الأموات. وبما أن الله لا يكذب ولا يكذب عليه، لذلك فإن ما آمن به المسيح وعلَّمه للناس كان حقاً. وبالتالي فإن إيمان المسيح وتعليمه عن الإله الواحد، صادق. وربما لا تبدو هذه الحجة مقنعة للذين لا يعرفون التأكيدات الفائقة للطبيعة بشأن المسيح وكلمة الله، ولكن هذا مكان جيد للبداية بالنسبة لمن يعرف قوة كلمة الله.
الحجج التاريخية بشأن وحدانية الله – الحجج القائمة على الشعبية غالباً ما تكون موضع شك الباحث، ولكن من الشيق معرفة تأثير الإيمان بوحدانية الله على شعوب كثيرة. والنظرية الشائعة عن تطور الأديان تنبع من نظرية التطور بصورة عامة، والإفتراض المسبق في علم تطور الإنسان الذي يرى أن الثقافات "البدائية" تمثل المراحل المبكرة من التطور الديني. ولكن توجد عيوب عديدة في هذه النظرية. (1) نوعية التطور المذكور لم يدرس؛ بل لا يوجد في الحقيقة تطور تصاعدي نحو الإيمان بوحدانية الله في أي من الثقافات – وفي الواقع، العكس صحيح في معظم الحالات. (2) الطريقة الأنثروبولوجية لتعريف ما هو "البدائي" تستند على التطور التكنولوجي، ولكن هذا لا يعتبر محك مناسب حيث توجد مكونات عديدة لأية تقافة موجودة. (3) المراحل المذكورة غالباً ما تكون غائبة أو يتم تخطيها. (4) أخيراً، كثير من المجتمعات المتعددة الآلهة لها ومضات تاريخية من الإيمان بإله واحد في مراحل تطورها المبكرة.
وما نجده هو إله واحد شخصي، مذكر، يعيش في السماء، له قدرة ومعرفة عظيمة، خلق العالم، وأعطي قوانين الأخلاق التي يجب علينا إتباعها، وقد عصينا ذلك الإله وبالتالي إنفصلنا عنه، ولكنه صنع طريقاً للمصالحة. ونجد أن كل الأديان بها صورة من هذا الإله في وقت متا في الماضي قبل التدهور إلى فوضى تعدد الآلهة. وهكذا، يبدو أن معظم الأديان بدأت بإله واحد ثم "تدهورت" إلى تعدد الآلهة، والسحر، وعبادة الأوثان – وليس العكس. (أما الدين الإسلامي فهو حالة نادرة حيث أنه رجع إلى الإيمان بوحدانية الله). وحتى مع هذا التحرك، كثيراً ما يكون الإيمان بتعدد الآلهة في الواقع إيمان بإله واحد أو إله يتسلط على باقي الآلهة. فمن النادر أن نجد ديانة تعددية لا تعتبر أحد آلهتها أسمى من باقي الآلهة، وكل الآلهة الأخرى تعمل كوسطاء.
الحجج الفلسفية/اللاهوتية للإيمان بإله واحد – هناك الكثير من الحجج الفلسفية التي تؤكد استحالة وجود أكثر من إله واحد. ويعتمد الكثير من هذه الحجج إلى حد كبير على النظرة الميتافيزيقية للإنسان بشأن طبيعة الحقيقة. وللأسف لا يتسع المجال في هذا المقال القصير لشرح هذه الرؤى الميتافيزيقية الأساسية ومن ثم بيان علاقتها بالإيمان بإله واحد، ولكن بالتأكيد توجد أسس فلسفية ولاهوتية لهذه الحقائق ترجع إلى الآف السنين (وغالبيتها ليست بحاجة إلى الشرح). بإختصار، إذاَ، إليك ثلاث من هذه الحجج:
1. لو كان هناك أكثر من إله واحد، سيكون الكون في فوضى بسبب وجود أكثر من خالق وأكثر من سلطة، ولكن نجد أن الكون ليس في حالة فوضى؛ لذا لابد وأن هناك إله واحد.
2. حيث أن الله كامل، لا يعقل أن يكون هناك إله آخر، لأنه لا يد وأن يوجد إختلاف بينهما، والإختلاف عن الكمال يعني عدم الكمال أي عدم الألوهية.
3. حيث أن الله غير محدود، فلا يمكن أن يتكون من أجزاء (لأنه لا يمكن إضافة الأجزاء للوصول إلى ما لا نهاية). وإذا كان وجود الله ليس مجرد جزء منه (الأمر الذي ينطبق على كل الأشياء الموجودة وغير الموجودة) فلا بد أن وجوده غير محدود. لذلك، لا يمكن أن يوجد كائنين غير محدودين، لأن أحدهما لا بد وأن يختلف عن الآخر.
ربما يود البعض الرد بأن كثير من هذه الحجج لا تنفي وجود "طبقة ثانية" من الآلهة. ورغم أننا نعلم أن هذا غير صحيح كتابياً، فليس به خطأ نظرياً. بكلمات أخرى، كان يمكن أن يخلق الله طبقة ثانية من "الآلهة"؛ ولكن الواقع أنه لم يفعل ذلك. ولو فعل ذلك، تكون تلك "الآلهة" كائنات مخلوقة ومحدودة — ربما مثل الملائكة إلى حد كبير (مزمور 82). هذا لا يؤثر على قضية الإيمان بإله واحد، التي لا تقول بعدم وجود كائنات روحية أخرى – ولكن فقط أنه لا يمكن أن يوجد أكثر من إله واحد.