الجواب:
العهد الموسوي هو عهد مشروط بين الله وشعب إسرائيل عند جبل سيناء (خروج 12-24). ويسمى أحياناً عهد سيناء، ولكن في الغالب يعرف بالعهد الموسوي حيث كان موسى هو القائد المعين من الله لشعب إسرائيل في ذلك الوقت. يتشابه نموذج العهد مع العديد من العهود القديمة في ذلك العصر لأنه كان بين ملك (الله) وشعبه أو رعاياه (إسرائيل). في ذلك الوقت ذكَّر الله الشعب بإلتزامهم بطاعة ناموسه (خروج 19: 5)، وقد وافق الشعب على العهد بقولهم: "كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ نَفْعَلُ!" (خروج 19: 8). جعل هذا العهد شعب إسرائيل أمة مميزة عن جميع الشعوب الأخرى بإعتبارهم شعب الله، وكان عهداً ملزماً مثل العهد غير المشروط الذي قطعه الله لإبراهيم لأنه أيضاً كان عهد دم. إن العهد الموسوي شديد الأهمية في تاريخ الله للفداء، وتاريخ إسرائيل التي إختار الله في سلطانه أن يبارك العالم من خلالها عن طريق كلمته المكتوبة وكلمته الحية يسوع المسيح.
يدور العهد الموسوي حول إعطاء الله ناموسه الإلهي لموسى على جبل سيناء. وفي دراستنا للعهود المختلفة في الكتاب المقدس وعلاقة كل منها بالآخر، من المهم أن ندرك أن العهد الموسوي يختلف إلى حد ما عن العهد الإبراهيمي والعهود التالية له لأنه عهد مشروط، فالبركات التي يعد بها الله ترتبط بصورة مباشرة مع طاعة شعب إسرائيل لناموس موسى. فإذا أطاع شعب إسرائيل، يباركهم الله، ولكن إذا لم يطيعوا فإن الله سوف يعاقبهم. وتوجد البركات واللعنات المرتبطة بهذا العهد المشروط بالتفصيل في تثنية 28. إن العهود الأخرى الموجودة في الكتاب المقدس هي عهود ووعود أحادية الجانب، حيث يلزم الله ذاته بما يعد به، بغض النظر عما قد يفعله من يتلقون هذه الوعود. ومن جهة أخرى، فإن العهد الموسوي هو إتفاق ثنائي يحدد إلتزامات طرفي العهد.
إن العهد الموسوي هام بصورة خاصة لأن الله يعد فيه أن يجعل إسرائيل "مَمْلَكَةَ كَهَنَةٍ وَامَّةً مُقَدَّسَةً" (خروج 19: 6). وأن يكون شعب إسرائيل نور الله في العالم المظلم من حولهم. أن يكونوا أمة مميزة ومختارة لكي يعرف جميع من حولهم أنهم يعبدون يهوه، الإله حافظ العهد. وهذا مهم لأنه هنا تلقى شعب إسرائيل ناموس موسى الذي هو بمثابة المعلم الذي يوجه الطريق نحو مجيء المسيح (غلاطية 3: 24-25). فيعلن الناموس للناس خطاياهم وحاجتهم إلى مخلص، وهو نفسه الناموس الذي قال المسيح أنه لم يأتي لكي ينقضه بل ليكمله. وهذه نقطة هامة، حيث يتحير الناس بالتفكير أن حفظ الناموس كان يخلص الناس في العهد القديم، ولكن الكتاب المقدس يوضح أن الخلاص كان دائماً وأبداً بالإيمان وحده، وكان وعد الله للخلاص بالإيمان الذي قطعه لإبراهيم كجزء من الوعد الإبراهيمي لا زال قائماً (غلاطية 3: 16-18).
كما أن نظام الذبائح والتقدمات في العهد الموسوي لم يكن هو ما ينزع الخطية (عبرانيين 10: 1-4)؛ بل كان صورة نبوية عن حمل المسيح للخطايا، رئيس الكهنة الكامل الذي كان أيضاً هو الذبيحة الكاملة (عبرانيين 9: 11-28). لذلك، فإن العهد الموسوي في حد ذاته، بكل تفاصيل الناموس، لم يستطع أن يخلص الناس. ولم يكن ذلك لنقص أو عيب في الناموس، لأن الناموس كامل وقد أعطي من الله القدوس، ولكن الناموس لم تكن له قوة أن يمنح الناس حياة جديدة، والناس لم يكن بمقدورهم أن يطيعوا الناموس بصورة كاملة (غلاطية 3: 21).
يعرف العهد الموسوي أيضاً بالعهد القديم (كورنثوس الثانية 3: 14؛ عبرانيين 8: 6، 13)، وقد تم إستبداله بالعهد الجديد في المسيح (لوقا 22: 20؛ كورنثوس الأولى 11: 25؛ كورنثوس الثانية 3: 16؛ عبرانيين 8: 8-13؛ 9: 15؛ 12: 24). إن العهد الجديد في المسيح يفوق العهد الموسوي القديم الذي حل محله لأنه يتمم الوعد الوارد في أرميا 31: 31-34 والمقتبس في عبرانيين 8.