www.GotQuestions.org/Arabic



السؤال: هل من الخطأ أن يكون الإنسان مؤمناً في الخفاء خوفاً على حياته؟

الجواب:
هل من الخطأ أن نعيش كمؤمنين في الخفاء خوفاً من مواجهة المقاومة أو حتى الموت؟ هل يجب أن يكون المؤمنين مستعدين للموت نتيجة إعترافهم بإسم المسيح؟ هل يجب أن نبقي إيماننا سراً حتى نحافظ على حياتنا؟ إن هذا مجرد سؤال إفتراضي بالنسبة لكثير من للمؤمنين في كثير من أنحاء العالم، حيث يكون أسوأ إضطهاد يمكن أن يواجهوه هو السخرية و/أو الإهانة. ولكن بالنسبة للمؤمنين في بعض المناطق الأخرى فإن هذا سؤال حقيقي وحيوي – لأن حياتهم فعلاً في خطر. عندما لا تكون على القدر الذي تحب أن تكون عليه من الشجاعة لكي تحمي حياتك و/أو حياة عائلتك، هذا شيء. ولكن الأمر يختلف عندما تضع لحياتك أهمية تفوق خدمة، وإكرام، وعبادة وطاعة المسيح. وفي ضوء هذا، فهل من الخطأ أن تبقي إيمانك بالمسيح سراً؟

لقد أجاب المسيح نفسه على هذا السؤال: " فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضاً بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ وَلَكِنْ مَنْ يُنْكِرُنِي قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضاً قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً." (متى 10: 32-34). لقد أوضح لنا المسيح أنه: "إنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ أَبْغَضَنِي قَبْلَكُمْ. لَوْ كُنْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ لَكَانَ الْعَالَمُ يُحِبُّ خَاصَّتَهُ. وَلَكِنْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ مِنَ الْعَالَمِ لِذَلِكَ يُبْغِضُكُمُ الْعَالَمُ." (يوحنا 15: 18-19) لهذا رغم أننا قد نتفهم إبقاء شخص ما لإيمانه بالمسيح سراً حتى يحافظ على حياته، ولكن بالنسبة للمؤمن فإن الإيمان السري، ببساطة، ليس خياراً.

تأتي كلمة "العالم" في المقطع الكتابي أعلاه من الكلمة اليونانية kosmos. وهي تشير إلى نظام عالمي شرير وساقط لأناس بلا أخلاق يتحكم الشيطان في قلوبهم وأذهانهم (يوحنا 14: 30؛ يوحنا الأولى 5: 19؛ أفسس 2: 1-3). إن الشيطان يكره الله. وهو يكره الذين يتبعون المسيح. فإن المسيحيين هم بؤرة غضب الشيطان. وهدفه هو أن "يبتلعهم" (بطرس الأولى 5: 8؛ أفسس 6: 11). لا يجب ان نندهش من أن حكام العالم يكرهون المؤمنين، والسبب ببساطة هو أننا "لسنا من العالم." فيتم إضطهاد المؤمنين وقتلهم يومياً نتيجة إعترافهم بالمسيح لأن حياتنا المقدسة تدين أعمال هذا العالم الشرير (أمثال 29: 27). وقد كان الأمر هكذا منذ بداية الزمان مع وقوع أول جريمة قتل مسجلة في التاريخ عندما قتل قايين أخاه هابيل (تكوين 4: 1-8). لماذا فعل قايين هذا؟ "لأَنَّ أَعْمَالَهُ كَانَتْ شِرِّيرَةً، وَأَعْمَالَ أَخِيهِ بَارَّةٌ." (يوحنا الأولى 3: 12). وبالمثل، فإن العالم اليوم يشجع من يمارسون الشر (رومية 1: 32) ويدين من يعيشون بالبر.

رسالة أخرى جاء بها المسيح إلى العالم هي: "حِينَئِذٍ يُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ضِيقٍ وَيَقْتُلُونَكُمْ وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ لأَجْلِ اسْمِي." (متى 24: 9). لقد وعدنا يسوع بهذا: أنه في الأيام الأخيرة سوف يعاني المسيحيين من إضطهاد شديد من هذا العالم الشرير. سوف يشتموننا، ويسيئون إلينا، ويلعنوننا. تأتي كلمة "يسلمونكم" في الأصل اليوناني بمعنى "يلقى القبض عليكم بواسطة الشرطة أو العسكر" (متى 4: 12). سوف يتعرض الكثيرين للقتل. سوف نكون "مبغضين من جميع الأمم" من أجل إسمه. وفي النص المقابل في إنجيل مرقس يعلن المسيح: "فَانْظُرُوا إِلَى نُفُوسِكُمْ. لأَنَّهُمْ سَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ وَتُجْلَدُونَ فِي مَجَامِعَ وَتُوقَفُونَ أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ مِنْ أَجْلِي شَهَادَةً لَهُمْ." (مرقس 13: 9). فإننا ونحن نشهد للمسيح اليوم في أنحاء العالم، سوف يكلفنا إرتباطنا بإسم المسيح حريتنا، وحقوقنا، وإحترامنا، وأحياناً حياتنا.

لقد أعطى المسيح المؤمنين به تكليفاً أن "اذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ." (متى 28: 9). ويردد الرسول بولس صدى هذا التكليف بتساؤله: "فَكَيْفَ يَدْعُونَ بِمَنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ. وَكَيْفَ يُؤْمِنُونَ بِمَنْ لَمْ يَسْمَعُوا بِهِ؟ وَكَيْفَ يَسْمَعُونَ بِلاَ كَارِزٍ؟ وَكَيْفَ يَكْرِزُونَ إِنْ لَمْ يُرْسَلُوا؟ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: مَا أَجْمَلَ أَقْدَامَ الْمُبَشِّرِينَ بِالسَّلاَمِ الْمُبَشِّرِينَ بِالْخَيْرَاتِ." (رومية 10: 14-15). لكي يعلن الإنجيل حتى في أشد أركان العالم ظلمة، يجب أن يذهب شخص ليعلنه. إن غرض وجودنا هو أن نكون نور للعالم وملح للأرض، مخبرين الآخرين عن المسيح للخلاص. نعم، أحياناً قد نتعرض للإضطهاد نتيجة هذا، وأحياناً نخاطر بحياتنا ذاتها. ولكننا نعلم أن إرادة الله هي أن نشارك الآخرين بهذا الحق، كما نعلم أنه قادر أن يحفظنا سالمين حتى تنتهي رسالتنا على الأرض.

قد تكون الحياة من أجل المسيح في هذا العالم صعبة بل وقاسية. فهذا العالم ليس موطننا. إنه مجرد ساحة حرب. وتجارب الحياة هي الأدوات التي يستخدمها الله لبناءنا وتشكيلنا لنصبح مشابهين للمسيح. لهذا فإنه في هذه الأوقات المظلمة نتطلع إلى المسيح ونسمح لقوته أن تعمل فينا. وكما أعطى المسيح للتلاميذ وصيته الأخيرة قبل الصعود إلى السماء بأن ينشروا الإنجيل إلى العالم، كذلك أعطانا وعده الأخير "وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ." (متى 28: 20). وهذا هو أهم ما في الأمر.

© Copyright Got Questions Ministries